مصحف أحمد قره حصاري بمتحف توب كابي سراي باسطنبول

(اضغط الصور للتكبير من المصدر)
ملاحظة: الصور من نسخة فاكسيميلي تحاكي الأصلي متوفرة للشراء
يعد مصحف أحمد قره حصاري من أهم أعمال الخط العربي على مر التاريخ. هذا العمل الجليل الضخم محفوظ بمكتبة قصر توب كابي بمدينة اسطنبول في تركيا. يحتوي على 300 صفحة مزخرفة ومذهبة بمقاس 61.5 بـ 42.5 سم، كتب بخط المحقق الجلي وخط الريحاني وقد كتب على صفحته الثانية باختصار أن المصحف كتبه أحمد قره حصاري محفوظ بخزانة السلطان وخصص للغرفة الخاصة بالقصر لتلاوته من قبل السطان مصطفى الثاني سنة 1107هـ.


ولد الخطاط أحمد قره حصاري الملقب بـملا شمس بير قرة حصاري (شمس الدين) سنة 863 ويقال سنة 873 للهجرة. كان من معاصري الشيخ حمد الله الأماسي وأخذ الخط عن أسد الله الكرماني الذي نهج على طريقة الخطاط الشهير ياقوت المستعصمي. وقد استطاع ان يتعرف على اساليب اساتذته واشتق طريقة خاصة به فأصبح له اسلوبا مميزا واضحا في قدرته على الجمع لاكثر من نوع من انواع الخطوط العربية في اللوحة الواحدة. وبصورة فنية عالية, فقد جمع بين خط المسلسل والخط الكوفي المربع باسلوب ابتكاري بديع. وكان من أشهر الخطاطين العثمانيين في القرن السادس عشر الميلادي، وربما اتقن هذا الفن وصقل موهبته في بلاط السلطان سليمان القانوني وخاصة خلال عهد السلطانين بايزيد الثاني وسليم الأول. أما شهرته الكبيرة فقد اكتسبها من خلال موهبته الكبيرة بإتقان خط الثلث الجلي المسمى "مثنى" وخط المحقق.من تلاميذه: محمد الجلبي وإبراهيم حسن ومحيي الدين خليفة وفرهاد باشا وسليمان حجازي وحسين جلبي ودلي يوسف وقره علي أفندي وتكنه جي حسن جلبي.يقول أهل الفن: برز بعد قره حصاري ثلاثة أعلام من الترك هم: الحاج كامل أقدك، وإسماعيل حقي ألتون، وحافظ عثمان.


ترك اثارا كثيرة منها كتاباته في جامع السليمانية في استنبول وكانت أغزر فترة في عطائه بين 1545 و 1555 ميلادية، ولا بد أنه ابتدأ كتابة مصحفه الشهير بعد سنة 1545 خلال عهد السلطان سليمان القانوني. وكانت وفاته سنة 963 للهجرة وقد ناهز التسعين، وكان قد كتب شاهد قبره بنفسه تاركا فراغ تاريخه الى من بيده الاعمار علام الغيوب.
ويشير المؤرخ الكبير مستقيم زاده* إلى أن أحمد قره حصاري تعلم ونسخ خطي النسخ والثلث من الخطاط يحيى صوفي (وترجح المصادر التاريخية أنه ذلك كان على يد ابن يحيى صوفي واسمه علي على اعتبار الفترة الزمنية بين الاثنين) ومن ثم تلقى دروس بالفن من أسد الله كرماني المتوفى سنة 892هـ والذي أجازه كما هو موثق إلى اليوم والذي يمكن استنتاجه أن قره حصاري حصل على الإجازة بالخط قبل أن يبلغ الثامنة عشرة من عمره وخلال عمله كخطاط في البلاط العثماني كان يتقاضى راتب يومي قدره 14 قطعة كما ورد في أرشيف القصر رقم D.9706/4ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* هو سليمان سعد الدين محمد بن محمد مستقيم زاده صاحب كتاب "تحفة الخطاطين" ولد سنة 1131. عالم ومؤرخ وأديب وشاعر من كبار علماء الدولة العثمانية. تعلم النسخ والثلث على محمد راسم أفندي والنستعليق على فندق زاده ابراهيم وأخذ أيضا على كاتب زاده محمد رفيع أفندي وسيد محمد دده. توفي سنة 1203هـ

وبالعودة للمخطوطة التي تحمل الرقم والمحفوظة في غرفة الأمانات المقدسة بمتحف صقرطوب كابي سراي فاللافت فيها عدم وجود توقيع أحمد قره حصاري عليها ولا شك أن السبب يعود لوفاة الخطاط مما يفرض احتمالية أن يكون أحد غيره أتم كتابة المصحف ويؤكد هذا بعض وئائق أرشيف القصر التي وجد في أحدها ما نصه: "... أعطيت 500 قطعة ذهبية من السلطان مراد الثالث للخطاط الذي أنهى المصحف الذي ابتدأه قره حصاري...". ومما يؤكد هذه الفرضية بما لا يدع مجالا للشك هو الاختلاف في تقنية الخط بعد نهاية القسم السادس والثلاثون (صفحة y.221a) مما لا يخفى على الخبراء، ومما لا شك فيه أن من أتم العمل الكبير لا يخلو من المقدرة والمهارة العالية ولكنه لم يستطع محاكاة أستاذية الخطاط الكبير أحمد قره حصاري. ويذهب بعض الباحثين إلى أن متمم هذا العمل ليس سوى حسن جلبي ابن قره حصاري بالتبني وكان عبدا أعتق رقبته، وكان هذا الشخص يوقع أعماله باسم: حسن بن عبد الله أو حسن بن أحمد قره حصاري، وكان اسمه بدفاتر القصر لعامي 965-966 حسن غلام قره حصاري.

الطلاء المذهب والزخرفةتعتبر هذه المخوطة تحفة فنية رائعة فقد اتخذ تذهيب الصفحات تنوعا كبيرا حيث رسمت إشارات إقلاب الصفحة بشكل ميدالية مذهبة واتخذ هذا التنوع أشكال متنوعة خلال صفحات المخطوطة بما فيها عناوين السور وإشارات الأحزاب والأعشار وغير ذلك، وكان الطلاء الذهبي وفيرا في أماكن متعددة حيث نجد زخرفات يبلغ عددها الإجمالي 2360 بالإضافة إلى 112 زخرفة مذهبة لبداية الأجزاء. ومن المرجح أن هدف هذا التنوع الوافر كان لدفع الرتابة عن القارىء مهما طال وقت قراءته، والأهم هو التقرب من الله سبحانه وتعالى من خلال كتابة كلامه العظيم بأبهى حلة ورونق وبأجمل الخطوط.


ويمكن تتبع تاريخ بداية التذهيب والطلاء الملون بالرجوع إلى ارشيف دفاتر المصروفات حيث يتبين أن اولها كان في رمضان سنة 992هـ لشراء اوراق ذهب وبعدها بفترة وجيزة لشراء صبغات متعددة الألوان. وتم تسجيل مصاريف أخرى منها شراء مواد لعمل الحبر والطلاء وكذلك شراء 40 فرشاة لزوم الأشخاص الذين يقومون بأعمال التلوين. أما تكاليف التذهيب والتلوين والزخرفة فقد بلغت 23897 قطعة ذهبية خلال فترة تسعة أعوام وذلك حسب دفاتر القصر. ولكن تلك الدفاتر لم تذكر أسماء الفنيين الذين قاموا بالتذهيب والزخرفة ولكن تم ذكر أسماء أشخاص سلمت لهم المصاريف منهم الأسطا قافر وعلي جلبي. وتجدر الإشارة إلى أن التنويه الذي كتبه السلطان محمد الثالث في رمضان سنة 1004هـ أشار إلى الأشخاص الذين ساهموا بهذا العمل الكبير منهم الخطاط حسن من الغرفة الخاصة وأربعة متمرنين للخطاط مصطفى من خارجها. أما الخطاط حسن المتوفى سنة 1032هـ، فبالرغم من أن اسمه لم يكن على قائمة أساتذة الخط آنذاك إلا أنه اكتسب شهرة كبيرة كفنان وخاصة برسم المنمنات وهو من رسم وذهّب ختم الدولة الكبير للسلطان أحمد الأول سنة 1011هـ.

.
المراجع:
- حبيب الله فضائلي ـ أطلس الخط والخطوط ـ ترجمة د. محمد التونجي؛ مكتبة دار طلاس؛ ط2-2002
- يلماز أورزتونا ـ تاريخ الدولة العثمانية ـ منشورات مؤسسة فيصل للتمويل ـ إستانبول ـ 1988.
- محمد فريد بك ـ تاريخ الدولة العلية العثمانية ـ تحقيق إحسان حقي ـ دار النفائس ـ بيروت ـ 1403 هـ: 1983م.
المرجع الرئيسي:- فيليز شاقمان ـ مصحف أحمد قره حصاري الشريف بمتحف قصر توبكابي باسكنبولhttp://cgi.ebay.com/ws/eBayISAPI.dll...m=270318608795

(اضغط الصور للتكبير من المصدر)
ملاحظة: الصور من نسخة فاكسيميلي تحاكي الأصلي متوفرة للشراء
يعد مصحف أحمد قره حصاري من أهم أعمال الخط العربي على مر التاريخ. هذا العمل الجليل الضخم محفوظ بمكتبة قصر توب كابي بمدينة اسطنبول في تركيا. يحتوي على 300 صفحة مزخرفة ومذهبة بمقاس 61.5 بـ 42.5 سم، كتب بخط المحقق الجلي وخط الريحاني وقد كتب على صفحته الثانية باختصار أن المصحف كتبه أحمد قره حصاري محفوظ بخزانة السلطان وخصص للغرفة الخاصة بالقصر لتلاوته من قبل السطان مصطفى الثاني سنة 1107هـ.


ولد الخطاط أحمد قره حصاري الملقب بـملا شمس بير قرة حصاري (شمس الدين) سنة 863 ويقال سنة 873 للهجرة. كان من معاصري الشيخ حمد الله الأماسي وأخذ الخط عن أسد الله الكرماني الذي نهج على طريقة الخطاط الشهير ياقوت المستعصمي. وقد استطاع ان يتعرف على اساليب اساتذته واشتق طريقة خاصة به فأصبح له اسلوبا مميزا واضحا في قدرته على الجمع لاكثر من نوع من انواع الخطوط العربية في اللوحة الواحدة. وبصورة فنية عالية, فقد جمع بين خط المسلسل والخط الكوفي المربع باسلوب ابتكاري بديع. وكان من أشهر الخطاطين العثمانيين في القرن السادس عشر الميلادي، وربما اتقن هذا الفن وصقل موهبته في بلاط السلطان سليمان القانوني وخاصة خلال عهد السلطانين بايزيد الثاني وسليم الأول. أما شهرته الكبيرة فقد اكتسبها من خلال موهبته الكبيرة بإتقان خط الثلث الجلي المسمى "مثنى" وخط المحقق.من تلاميذه: محمد الجلبي وإبراهيم حسن ومحيي الدين خليفة وفرهاد باشا وسليمان حجازي وحسين جلبي ودلي يوسف وقره علي أفندي وتكنه جي حسن جلبي.يقول أهل الفن: برز بعد قره حصاري ثلاثة أعلام من الترك هم: الحاج كامل أقدك، وإسماعيل حقي ألتون، وحافظ عثمان.


ترك اثارا كثيرة منها كتاباته في جامع السليمانية في استنبول وكانت أغزر فترة في عطائه بين 1545 و 1555 ميلادية، ولا بد أنه ابتدأ كتابة مصحفه الشهير بعد سنة 1545 خلال عهد السلطان سليمان القانوني. وكانت وفاته سنة 963 للهجرة وقد ناهز التسعين، وكان قد كتب شاهد قبره بنفسه تاركا فراغ تاريخه الى من بيده الاعمار علام الغيوب.
ويشير المؤرخ الكبير مستقيم زاده* إلى أن أحمد قره حصاري تعلم ونسخ خطي النسخ والثلث من الخطاط يحيى صوفي (وترجح المصادر التاريخية أنه ذلك كان على يد ابن يحيى صوفي واسمه علي على اعتبار الفترة الزمنية بين الاثنين) ومن ثم تلقى دروس بالفن من أسد الله كرماني المتوفى سنة 892هـ والذي أجازه كما هو موثق إلى اليوم والذي يمكن استنتاجه أن قره حصاري حصل على الإجازة بالخط قبل أن يبلغ الثامنة عشرة من عمره وخلال عمله كخطاط في البلاط العثماني كان يتقاضى راتب يومي قدره 14 قطعة كما ورد في أرشيف القصر رقم D.9706/4ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* هو سليمان سعد الدين محمد بن محمد مستقيم زاده صاحب كتاب "تحفة الخطاطين" ولد سنة 1131. عالم ومؤرخ وأديب وشاعر من كبار علماء الدولة العثمانية. تعلم النسخ والثلث على محمد راسم أفندي والنستعليق على فندق زاده ابراهيم وأخذ أيضا على كاتب زاده محمد رفيع أفندي وسيد محمد دده. توفي سنة 1203هـ

وبالعودة للمخطوطة التي تحمل الرقم والمحفوظة في غرفة الأمانات المقدسة بمتحف صقرطوب كابي سراي فاللافت فيها عدم وجود توقيع أحمد قره حصاري عليها ولا شك أن السبب يعود لوفاة الخطاط مما يفرض احتمالية أن يكون أحد غيره أتم كتابة المصحف ويؤكد هذا بعض وئائق أرشيف القصر التي وجد في أحدها ما نصه: "... أعطيت 500 قطعة ذهبية من السلطان مراد الثالث للخطاط الذي أنهى المصحف الذي ابتدأه قره حصاري...". ومما يؤكد هذه الفرضية بما لا يدع مجالا للشك هو الاختلاف في تقنية الخط بعد نهاية القسم السادس والثلاثون (صفحة y.221a) مما لا يخفى على الخبراء، ومما لا شك فيه أن من أتم العمل الكبير لا يخلو من المقدرة والمهارة العالية ولكنه لم يستطع محاكاة أستاذية الخطاط الكبير أحمد قره حصاري. ويذهب بعض الباحثين إلى أن متمم هذا العمل ليس سوى حسن جلبي ابن قره حصاري بالتبني وكان عبدا أعتق رقبته، وكان هذا الشخص يوقع أعماله باسم: حسن بن عبد الله أو حسن بن أحمد قره حصاري، وكان اسمه بدفاتر القصر لعامي 965-966 حسن غلام قره حصاري.

الطلاء المذهب والزخرفةتعتبر هذه المخوطة تحفة فنية رائعة فقد اتخذ تذهيب الصفحات تنوعا كبيرا حيث رسمت إشارات إقلاب الصفحة بشكل ميدالية مذهبة واتخذ هذا التنوع أشكال متنوعة خلال صفحات المخطوطة بما فيها عناوين السور وإشارات الأحزاب والأعشار وغير ذلك، وكان الطلاء الذهبي وفيرا في أماكن متعددة حيث نجد زخرفات يبلغ عددها الإجمالي 2360 بالإضافة إلى 112 زخرفة مذهبة لبداية الأجزاء. ومن المرجح أن هدف هذا التنوع الوافر كان لدفع الرتابة عن القارىء مهما طال وقت قراءته، والأهم هو التقرب من الله سبحانه وتعالى من خلال كتابة كلامه العظيم بأبهى حلة ورونق وبأجمل الخطوط.


ويمكن تتبع تاريخ بداية التذهيب والطلاء الملون بالرجوع إلى ارشيف دفاتر المصروفات حيث يتبين أن اولها كان في رمضان سنة 992هـ لشراء اوراق ذهب وبعدها بفترة وجيزة لشراء صبغات متعددة الألوان. وتم تسجيل مصاريف أخرى منها شراء مواد لعمل الحبر والطلاء وكذلك شراء 40 فرشاة لزوم الأشخاص الذين يقومون بأعمال التلوين. أما تكاليف التذهيب والتلوين والزخرفة فقد بلغت 23897 قطعة ذهبية خلال فترة تسعة أعوام وذلك حسب دفاتر القصر. ولكن تلك الدفاتر لم تذكر أسماء الفنيين الذين قاموا بالتذهيب والزخرفة ولكن تم ذكر أسماء أشخاص سلمت لهم المصاريف منهم الأسطا قافر وعلي جلبي. وتجدر الإشارة إلى أن التنويه الذي كتبه السلطان محمد الثالث في رمضان سنة 1004هـ أشار إلى الأشخاص الذين ساهموا بهذا العمل الكبير منهم الخطاط حسن من الغرفة الخاصة وأربعة متمرنين للخطاط مصطفى من خارجها. أما الخطاط حسن المتوفى سنة 1032هـ، فبالرغم من أن اسمه لم يكن على قائمة أساتذة الخط آنذاك إلا أنه اكتسب شهرة كبيرة كفنان وخاصة برسم المنمنات وهو من رسم وذهّب ختم الدولة الكبير للسلطان أحمد الأول سنة 1011هـ.

.
المراجع:
- حبيب الله فضائلي ـ أطلس الخط والخطوط ـ ترجمة د. محمد التونجي؛ مكتبة دار طلاس؛ ط2-2002
- يلماز أورزتونا ـ تاريخ الدولة العثمانية ـ منشورات مؤسسة فيصل للتمويل ـ إستانبول ـ 1988.
- محمد فريد بك ـ تاريخ الدولة العلية العثمانية ـ تحقيق إحسان حقي ـ دار النفائس ـ بيروت ـ 1403 هـ: 1983م.
المرجع الرئيسي:- فيليز شاقمان ـ مصحف أحمد قره حصاري الشريف بمتحف قصر توبكابي باسكنبولhttp://cgi.ebay.com/ws/eBayISAPI.dll...m=270318608795
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق